د/ عبدالله محمد الفوزان
05-28-2008, 04:16 PM
900 طفل ... هذه هي البداية
مؤلم جدا أن تتسلل ظاهرة تعاطي المخدرات في مجتمعنا إلى أفواه أطفالنا الأبرياء وإلى أجسادهم الغضة والطرية لتفسد أخلاقهم وتدمر خلاياهم وتهدد مستقبلنا ومستقبلهم وتنذر بكوارث نفسية وصحية واجتماعية واقتصادية وأمنية وأخلاقية خطيرة تطال الجميع ولا تستثني أحدا. وهذا تحديدا ما كشفته لنا الباحثة الاجتماعية بالمديرية العامة للمخدرات الأستاذة عواطف الدريبي في ورشة العمل التي انطلقت في مركز الأمير سلمان الاجتماعي تحت عنوان " أطفالنا بعيدا عن المخدرات "، حيث أشارت الباحثة عواطف إلى أن دور الأحداث في المملكة استقبلت العام الماضي 900 طفل تتراوح أعمارهم ما بين 7 و 18 سنة بسبب تعاطي المخدرات. وقد توزع هؤلاء الأطفال على دور الأحداث في بعض مدن المملكة ومنها جازان بواقع 280 طفل والرياض بواقع 215 طفل وجدة بواقع 213 طفل وأخيرا حائل بواقع 9 أطفال. كما كشفت الباحثة أن 717 من هؤلاء الأطفال تم إيداعهم في دور الأحداث بسبب أحكام قضائية تعزيرية، أما البقية منهم والبالغ عددهم 183 طفلا فتم إيداعهم بواسطة أسرهم.
أعلم أن تعاطي الأطفال للمخدرات أصبح ظاهرة عالمية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات البشرية المعاصرة وأعلم أيضا أن عصابات زرع وتهريب وترويج المخدرات تزداد وتنمو وتتطور من حيث العدد والعدة ولا تستثني أحدا من الاستهداف حتى ولو كان المستهدف هم الحيوانات أو الجمادات مادام أن ذلك يصب الأموال في خزائنها، لذلك لن يضيرها أن ينخرط الأطفال كغيرهم من الفئات العمرية في تعاطي سمومها القاتلة. ومع أن الرقم أعلاه يظل ضئيلا مقارنة بما لدى المجتمعات الأخرى إلا أن ذلك لا يعفينا من دق ناقوس الخطر في أرجاء مجتمعنا من أجل إيقاظ الضمائر ونشر الوعي بخطورة المشكلة والحيلولة دون اتساع رقعتها بصورة قد يصعب معه معالجتها أو التحكم بمسارها أو الحد من تفشيها ... فالنار من مستصغر الشرر كما تقول العرب في أمثالها، ولا ينبغي الاستهانة بهذه المشكلة بحجة أنها لم تصل بعد إلى مستوى الظاهرة الاجتماعية، بل لابد من شجبها واستنكارها وتجريمها ودراستها دراسة علمية ووضع الخطط والبرامج والسياسات الكفيلة بالوقاية منها والحد من انتشارها وبمعالجة من تورطوا من أطفالنا في تعاطيها أو من أدمنوا عليها.
المخدرات شئنا أم أبينا أصبحت اليوم في متناول أطفالنا أكثر من أي وقت مضى، فهي هناك عند مداخل الكثير من مدارسنا وفي زوايا كثير من شوارعنا وأحيائنا وتباع عادة بأرخص الأثمان، بل إن المخدرات أخذت تتسلل إلى فصول مدارسنا وحتى إلى غرف نوم أطفالنا في غفلة منا أو ربما يجدها الطفل أو الطفلة في إحدى زوايا المنزل من مخلفات والده المدمن أو والدته المدمنة، هذا إذا لم يكن قدمها له مع شديد الأسف صديقه المتعاطي أو أخوه المتعاطي أو أبوه المتعاطي أو حتى أمه المتعاطية على طبق من ذهب ودون عناء يذكر.
إن وقوع أطفالنا في شرك المخدرات يمثل في نظري إدانة صريحة لكافة مؤسساتنا التربوية وعلى رأسها الأسرة، بل إنه يشكل فشلا تربويا ذريعا ومريعا لتلك المؤسسات المناط بها صناعة المواطن الصالح. إذ يخطيء من يظن أن الأسرة المنحرفة أو المفككة أو المهملة أو اللامبالية يمكن أن تزودنا بمواطنين صالحين. كذلك يخطيء من يظن أن مدرسة لا يزيد همها عن تلقين أطفالنا ذلك الحشو الهائل في مناهجها بإسلوب فج وعنيف ولا تلقي بالا للإشراف والمراقبة والمتابعة أن تقدم لنا مخرجات صالحة.
إننا أمام بوادر مشكلة حقيقية تستهدف أغلى ما نملك في هذه الحياة ألا وهي شريحة أطفالنا الذين يمثلون امتدادا لنا ونطمع أن يحملوا أمالنا وتطلعاتنا، فمن غير المنطقي أن نتركهم في مهب الريح دون أن تكون لكل منا وقفة مسئولة وصرخة مدوية توقظ الضمائر وفعل إيجابي يحول دون أن تتحول هذه المشكلة إلى ظاهرة تنخر في جسد مجتمعنا وحينئذ لن ينفعنا الندم ولطم الخدود ... فشكرا من الأعماق أستاذة عواطف على إطلاق صافرة الإنذار المبكر لحماية أطفالنا من المخدرات ... فهل من مجيب؟ وإذا كانت البداية هي استهداف 900 طفل من فلذات أكبادنا فإلى أين نحن سائرون في السنوات القليلة القادمة؟ لطفك يا رب ... هذا وللجميع أطيب تحياتي.
الدكتور/ عبد الله محمد الفوزان
[email protected]
مؤلم جدا أن تتسلل ظاهرة تعاطي المخدرات في مجتمعنا إلى أفواه أطفالنا الأبرياء وإلى أجسادهم الغضة والطرية لتفسد أخلاقهم وتدمر خلاياهم وتهدد مستقبلنا ومستقبلهم وتنذر بكوارث نفسية وصحية واجتماعية واقتصادية وأمنية وأخلاقية خطيرة تطال الجميع ولا تستثني أحدا. وهذا تحديدا ما كشفته لنا الباحثة الاجتماعية بالمديرية العامة للمخدرات الأستاذة عواطف الدريبي في ورشة العمل التي انطلقت في مركز الأمير سلمان الاجتماعي تحت عنوان " أطفالنا بعيدا عن المخدرات "، حيث أشارت الباحثة عواطف إلى أن دور الأحداث في المملكة استقبلت العام الماضي 900 طفل تتراوح أعمارهم ما بين 7 و 18 سنة بسبب تعاطي المخدرات. وقد توزع هؤلاء الأطفال على دور الأحداث في بعض مدن المملكة ومنها جازان بواقع 280 طفل والرياض بواقع 215 طفل وجدة بواقع 213 طفل وأخيرا حائل بواقع 9 أطفال. كما كشفت الباحثة أن 717 من هؤلاء الأطفال تم إيداعهم في دور الأحداث بسبب أحكام قضائية تعزيرية، أما البقية منهم والبالغ عددهم 183 طفلا فتم إيداعهم بواسطة أسرهم.
أعلم أن تعاطي الأطفال للمخدرات أصبح ظاهرة عالمية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات البشرية المعاصرة وأعلم أيضا أن عصابات زرع وتهريب وترويج المخدرات تزداد وتنمو وتتطور من حيث العدد والعدة ولا تستثني أحدا من الاستهداف حتى ولو كان المستهدف هم الحيوانات أو الجمادات مادام أن ذلك يصب الأموال في خزائنها، لذلك لن يضيرها أن ينخرط الأطفال كغيرهم من الفئات العمرية في تعاطي سمومها القاتلة. ومع أن الرقم أعلاه يظل ضئيلا مقارنة بما لدى المجتمعات الأخرى إلا أن ذلك لا يعفينا من دق ناقوس الخطر في أرجاء مجتمعنا من أجل إيقاظ الضمائر ونشر الوعي بخطورة المشكلة والحيلولة دون اتساع رقعتها بصورة قد يصعب معه معالجتها أو التحكم بمسارها أو الحد من تفشيها ... فالنار من مستصغر الشرر كما تقول العرب في أمثالها، ولا ينبغي الاستهانة بهذه المشكلة بحجة أنها لم تصل بعد إلى مستوى الظاهرة الاجتماعية، بل لابد من شجبها واستنكارها وتجريمها ودراستها دراسة علمية ووضع الخطط والبرامج والسياسات الكفيلة بالوقاية منها والحد من انتشارها وبمعالجة من تورطوا من أطفالنا في تعاطيها أو من أدمنوا عليها.
المخدرات شئنا أم أبينا أصبحت اليوم في متناول أطفالنا أكثر من أي وقت مضى، فهي هناك عند مداخل الكثير من مدارسنا وفي زوايا كثير من شوارعنا وأحيائنا وتباع عادة بأرخص الأثمان، بل إن المخدرات أخذت تتسلل إلى فصول مدارسنا وحتى إلى غرف نوم أطفالنا في غفلة منا أو ربما يجدها الطفل أو الطفلة في إحدى زوايا المنزل من مخلفات والده المدمن أو والدته المدمنة، هذا إذا لم يكن قدمها له مع شديد الأسف صديقه المتعاطي أو أخوه المتعاطي أو أبوه المتعاطي أو حتى أمه المتعاطية على طبق من ذهب ودون عناء يذكر.
إن وقوع أطفالنا في شرك المخدرات يمثل في نظري إدانة صريحة لكافة مؤسساتنا التربوية وعلى رأسها الأسرة، بل إنه يشكل فشلا تربويا ذريعا ومريعا لتلك المؤسسات المناط بها صناعة المواطن الصالح. إذ يخطيء من يظن أن الأسرة المنحرفة أو المفككة أو المهملة أو اللامبالية يمكن أن تزودنا بمواطنين صالحين. كذلك يخطيء من يظن أن مدرسة لا يزيد همها عن تلقين أطفالنا ذلك الحشو الهائل في مناهجها بإسلوب فج وعنيف ولا تلقي بالا للإشراف والمراقبة والمتابعة أن تقدم لنا مخرجات صالحة.
إننا أمام بوادر مشكلة حقيقية تستهدف أغلى ما نملك في هذه الحياة ألا وهي شريحة أطفالنا الذين يمثلون امتدادا لنا ونطمع أن يحملوا أمالنا وتطلعاتنا، فمن غير المنطقي أن نتركهم في مهب الريح دون أن تكون لكل منا وقفة مسئولة وصرخة مدوية توقظ الضمائر وفعل إيجابي يحول دون أن تتحول هذه المشكلة إلى ظاهرة تنخر في جسد مجتمعنا وحينئذ لن ينفعنا الندم ولطم الخدود ... فشكرا من الأعماق أستاذة عواطف على إطلاق صافرة الإنذار المبكر لحماية أطفالنا من المخدرات ... فهل من مجيب؟ وإذا كانت البداية هي استهداف 900 طفل من فلذات أكبادنا فإلى أين نحن سائرون في السنوات القليلة القادمة؟ لطفك يا رب ... هذا وللجميع أطيب تحياتي.
الدكتور/ عبد الله محمد الفوزان
[email protected]