«العدل» تفعّل دور الإخصائي الاجتماعي في المحاكم الشرعية لمساندة القاضي

جانب من توقيع الاتفاقية بين وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية
عبر توجيه المتخاصمين في القضايا الأسرية لمكاتب الصلح قبل القضاء
06-19-2011 06:35
جريدة عكاظ كشف الدكتور محمد العيسى وزير العدل عن ملامح مذكرة التفاهم التي وقعت بين وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية، بتفعيل دور الإخصائي الاجتماعي في المحاكم الشرعية وقيامه بدور المساند للقاضي وبدور المصلح بين ذات البين قبل وصول الخصوم للقضاء.
وقال العيسى: ''نحن نؤمن بأن القضاء يعالج آثار المشكلة وهو النزاع، ولا يعالج جذورها، والفعاليات الاجتماعية في طليعتها وذلك بتحديد دور الإخصائي الاجتماعي كمعاون للقضاء، ونأمل أن يسهم في معالجة جذور المشكلة، وأن يخرج الجميع في القضايا الاجتماعية وقد رضوا، وبدت بينهم المودة والألفة، وهو ما نأمله جميعا، وفي هذا خدمة للقضاء في تخفيف أعباء القضايا وخدمة للخصوم وخدمة للمجتمع''.
وأوضح وزير العدل خلال رعايته أمس ملتقى دور الخدمة الاجتماعية في المحاكم الشرعية في الرياض، أن وزارته بدأت اخيرا بإنشاء مكاتب صلح داخل الدوائر القضائية، مشيرا إلى أن الاتفاقية تسعى إلى تعزيز هذه المكاتب.
وتأمل وزارة العدل من خلال هذه الاتفاقية أن تضطلع هذه الجهود بدورها خارج أروقة المحاكم، بتوجيه المتخاصمين أولا إلى هذه المكاتب قبل أن يستشعروا أنهم ذاهبون إلى أروقة القضاء.
وأكد العيسى، أنه في حال إقرار مشروع الوساطة والتوفيق سيلزم جميع المتقاضين المرور على هذه المكاتب، مضيفاً أنه في حال عدم اقتناعهم بما تنتهي إليه هذه المكاتب يحالون إلى القضاء للبت في القضية. وقال: ''القضاء لا يمتنع في النهاية لأنها هي وظيفته، من لم يرض بالوساطة ولا الصلح فلا حل له إلا عن طريق القضاء''.
وتسعى وزارة العدل من خلال اتفاقية الخدمة الاجتماعية ومكاتب الصلح الاجتماعي، وهي من ضمن الخيارات، بالاستفادة من خدمات القضاة المتقاعدين نظير خبرتهم الطويلة في هذا الجانب. وقال العيسى: ''لديهم رصيد قضائي لا بد من استثماره في مثل هذه المكاتب''.
وذكر الدكتور العيسى أن القضايا الأسرية المنظورة في المحاكم تبلغ 60 في المائة من مجموع القضايا المنظورة، مؤكدا حرص الوزارة على تفعيل الخدمة الاجتماعية لتقليص هذا الرقم، لما لذلك من فوائد كبيرة جداً داخل الأسرة في الصلح والألفه بينهم، ويخدم القضاء والمجتمع.
وحول تخفيف وزارة الشؤون الاجتماعية للقضايا الاجتماعية، قال العيسى: ''لا شك أن هذا الملتقى هو شراكة بين الجهات المختصة، لا يمكن أن تعمل وزارة العدل وحدها ولا الجهات ذات العلاقة وحدها، لا بد من هذا الملتقى ولا بد من هذه الاتفاقيات التي وقعت قبل قليل، ونحن في دولة لا بد أن تتعاون جميع مؤسساتها على أكمل وجه''.
وأوضح وزير العدل، أن وزارته في طور دراسة مشمولة باستراتيجية معالجة بطء التقاضي، ومن بينها محاسبة المتخاذلين والمتهربين من الجلسات القضائية. وقال: ''لا شك أن عدم جدية البعض في الحضور في موعد الجلسات يؤثر في الخصم ويؤثر في المواعيد ويربك مواعيد الجلسات القضائية، ولا بد من حزم في هذا الجانب ومن المعالجات النظامية. وهذه الأحكام الغيابية كفيلة بمعالجة أي تهاون أو تخاذل أو تكاسل في الحضور إلى جلسات التقاضي.
وأضاف: الوزارة قدمت مشروعا يتعلق باستراتيجية معالجة بطء التقاضي، مع أننا من أفضل الدول في سرعة الفصل في القضايا، ولدينا هامش من التأخير وهو موجود لدى الجميع''.
وكشفت استطلاعات - بحسب ما بينه وزير العدل - أن القضاة السعوديين يعملون بكافة إمكاناتهم وطاقاتهم في دوامهم الرسمي وخارج دوامهم. وقال العيسى: ''هذا أمر متأكد منه وأشهد به، القاضي يعمل في مكتبه وخارج مكتبه في الدراسة والبحث وكتابة الأحكام، أنا كنت قاضياً في السابق، وأعرف ماذا كان يعمل زملائي وماذا كنت أعمل، القاضي يعمل ويداوم أكثر من غيره، ومن لديه شك في ذلك فليأتني وأطلعه على أرض الواقع''.
وتابع قائلا: ''عمل القاضي مرتبط بدوام موظفي الدولة، وحين تأتي إليه ليس بالضرورة أن يكون في مكتبه قد يكون في مداولة مع زملائه، وقد يكون في دورة تدريبية، وقد يكون في المرافعة، وليس بينك وبينه إلا جلسة المرافعات وأن تحضر مع خصمك، وقبل أن تراجع سكرتير القاضي راجع أمين سر المحكمة وراجع الأجهزة الإدارية، ولكن أن تدخل على القاضي وتناقشه في قضيتك ومن دون خصمك وفي غير وقت الجلسة هذا لا يصح ولا يجوز، وفي جلسة المرافعة يجوز لك إذا كان خصمك غائبا''.
وذكر العيسى أن وزارته ستفرغ القضاة من الأعباء الإدارية، مضيفاً أن لديها شواغر وظيفية عديدة، وستسند القضاء من الناحية الإدارية، مشيراً إلى أن وزارته تعمل على شغلها في الوقت الحالي. وقال: ''شغلنا قبل فترة ما يقارب 1500 وظيفة ولدينا ثلاثة آلاف وظيفة شاغرة سوف نشغلها''.
وأبان العيسى أن محاور الملتقي تتوافق مع مشروع المراحل العلمية لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء.
وقال: ''نحن في وزارة العدل نؤمن كثيراً بأهمية الشراكة، ونعلم أن العمل خارج هذه الشركات مع الجهات ذات العلاقة عمل مشمول بالقصور، ولا سيما في أمر بهذا الحجم والأهمية، ونحن نثمن ونقدر مبادرة وزير الشؤون الاجتماعية على هذا التعاطي والتواصل الإيجابي، وهو امتداد للتواصل الميمون مع عمل المحاكم''.
وأضاف: نحن في الوزارة نستشعر كثيرا أهمية الدور الاجتماعي في المحاكم، وسنعمل على أن يكون الإخصائي الاجتماعي من أعوان القضاء والقضاة، ونعلم أهمية هذا الدور للتخفيف من أعباء التقاضي، وفي الحل الودي، بل في معالجة نتائج الانفصال الزوجي سواء عن طريق النفقة أو الحضانة أو سوى ذلك، فالإخصائي الاجتماعي، يقوم بدور مهم تعلمونه جميعا وهو - مع الأسف - دور مغيب ولا بد من حضوره وحضوره الفاعل.
وألمح العيسى إلى أن الوزارة عملت على إيجاد بدائل التقاضي، وقدمت مشروعا لتنظيم بدائل التقاضي مشمولا بمواد وأحكام تضع النقاط على الحروف - بحسب وصفه.
من جانبه، أوضح الدكتور يوسف العثيمين وزير الشؤون الاجتماعية خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح الملتقى، أنه في ظل ضعف الروابط وضعف شبكة العلاقات الأسرية ونمو المجتمع الحضري الذي يشكل سكان المدن الحضرية، والنزعة الفردية فيه 75 في المائة، فإن الحاجة أصبحت ملحة إلى وجود أوعية معاصرة يمكن من خلالها تسوية الخلافات الأسرية دون الحاجة للوصول إلى القضاء الشرعي، مضيفاً أنه في حال نجاح هذه الواسطة يمكن الاستفادة من تقارير يعدها الإخصائيون الاجتماعيون - بحسب ما نصت عليه الأنظمة الصادرة بقرار من مجلس الوزراء - يمكن للقضاة الاستفادة منها كما يحدث في دور الملاحظة للبنين والفتيات.