يستغرب بعض المهتمين بمشكلات الإدمان خصوصا ممن يمثلون المجتمعات غير الاسلامية، وجود مصحات لمعالجة الإدمان في البلاد الاسلامية. وعندما تبدأ النقاش مع أحدهم وحالما يعرف أنك من بلد مسلم فإنه لا يملك الا أن يفغر فاه دهشة، ليعقبها بعدة أسئلة متلاحقة: هل يعاني بلدكم من وجود مدمنين؟ كيف يكون ذلك في بلد لا يسمح فيه بتعاطي الكحول ، حيث ان الاسلام ينهى عن تعاطي كل ما هو مسكر حسب معلوماتي، اليس كذلك؟ وما الى ذلك من أسئلة لا تعبر الا عن مدى الدهشة التي بدت على محياه عند معرفته انك من بلد مسلم.
والحقيقة ان ردود الفعل التي بدت على محدثنا ومن هم على شاكلته تبدو منطقية، الا أن الواقع يقول غير ذلك! أن النظرة القائلة بمثالية المجتمعات نظرة لا تعيش الا في خيالات أصحابها. ولنا بتاريخ الحضارات صور وعبر. ولقد وجد من يشرب الخمرة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام رضوان الله عليهم. ولو حق لنا ان نسمي مجتمعا مثاليا كذلك، لكان المجتمع المسلم هو الأولى بهذه الصفة لانه الاقرب للمثالية. فالاسلام بما يتضمنه من تشريعات، وتعاليم، واحكام، واسلوب حياة دين مثالي لا جدال فيه،الا ان غير المثالية التي نقصدها هنا تتعلق بالمجتمع ، تتعلق بالبشر وليس بالدين. ولو كان الاسلام يفترض المثالية في افراده، لما كان هناك حاجة لسن الحدود والعقوبات. ولما حث على الاستغفار من الذنوب. ذلك أن الله سبحانه وتعالى عليم بخبايا النفس البشرية وما يعتريها من ضعف في بعض الاحيان.
إن أي مجتمع لا يمكن أن يكون مجتمعا مثاليا ما دامت وحداته المكونة له من العنصر الإنساني وما دام هناك تفاعل بين تلك الوحدات الانسانية، فلا بد أن يوجد الخير كما يوجد الشر. إلا أن مثالية المجتمعات يمكن أن تكون على خط متصل تتدرج فيه المجتمعات حسب قربها أو بعدها من المثالية بناءا على مؤشرات معينه كالرخاء، السعادة، الاعمال الخيرية، قلة معدلات الجريمة،أنواع الجريمة. .الخ.
وعلى الرغم مما سبق، فلابد من الاشارة الاى أن المجتمعات الاسلامية وحسب ما تشير اليه الاحصائيات، تعتبر من اقل المجتمعات معاناة من مشكلات الادمان سواء من حيث الكم أو من حيث النوع. ساعد على ذلك عدة عوامل منها:
1. قوة الوازع الديني الذي ينهى عن تعاطي المسكرات والمخدرات.
2. فتح باب التوبة والاستغفار أمام الفرد من جميع أنواع الذنوب والمعاصي.
3. تماسك وقوة البناء الاجتماعي.
4. وجود نظام أمني على درجة عالية من التأهيل.
5. فتح الأبواب للمدمن لتلقي العلاج دون عقاب.
بقي أن اهمس في اذن محدثي لأقول له: إن قوانينكم تمنع تعاطي المخدرات، فهل سلمتم من آفتها؟