حورية
09-26-2008, 05:31 AM
مشكلات أسر ذوي الاحتياجات الخاصة ودور المرشد في ذلك
لقد ثبت علميا أن سلوك الفرد يتأثر بالبيئة الأولى التي يحتك بها وان شخصية الإنسان تتشكل تبعا للخبرات التي يمر بها في مرحلة الطفولة وما يستجد بعد ذلك في شخصيته يكون مرتبطا إلى حد كبير بطفولته التي تعتبر أساسا لهذه الشخصية ، وهذه الحقائق لا تختلف في قليل أو كثير بالنسبة للطفل المعوق (سيد عبدالحميد مرسي، 1975، ص412) .
فاتجاهات الأسرة نحو أطفالهم المعوقين تلعب الدور الكبير في تقبله أو رفضه للإعاقة ، ومن ثم في تكيفه النفسي والاجتماعي فهناك تصرفات مختلفة من الآباء نحو الطفل المعوق منها: القبول، الرفض ، التدليل والحماية المبالغة ، إنكار وجود الإعاقة بصفة عامة ، الإعراض سواء كان ظاهرا أو مقنعا .
فالنبذ قد يشعر به الأب كرد فعل لما قد يرى فيه انتقاماً إلهياً لذنوب ارتكبها . لذلك فهو لا يريد ولا يتقبل من يذكره بخطيئته وسوء حظه . إن الطفل المعوق يحتاج إلى رعاية أكثر ويحتاج إلى إشباع دوافع هامة وعاجلة، ولكن الأب قد يقابل ذلك بالحرمان وعدم التقبل . إن الطفل المعوق يحتاج إلى إثارة وتنبيه ، أكثر من الطفل العادي ، لكنه في الواقع قد يأخذ أقل . ومن الآباء من يستجيب لهذه الصدمة بالانقباض . إن بعض الآباء قد يندب حظه العاثر لهذه الكارثة التي ألمت به . فقد يستجيب له بالجمود والتجاهل التام، وبعض الآباء قد يستجيب بمشاعر القلق وعدم القدرة على التصرف في مواجهة مشكلة الابن المعوق (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 82) .
فالمشاكل تبدأ في الظهور عندما يكون الوالدان غير مستعدين لتقبل الإعاقة كحقيقة واقعة والتي ربما تكون مصدر إزعاج في حياة الأسرة إذ يؤثر عليها كصدمة تخلف وراءها مشاعر واحساسات سلبية تكون بمثابة قاعدة اجتماعية تشكل إرادياً أو لا إرادياً سلوك الأم تجاه طفلها الرضيع وهذا يؤدي بدوره إلى عصبية الأم والتي يحتمل أن تنتقل بالتالي إلى طفلها الرضيع فيصبح هو أيضاً عصبياً (لطفي بركات احمد ، 1981، ص 143) .
كما أن أشقاء الطفل المعوق ، كما هو الحال بالنسبة للآخرين ، عادة ما يأخذون التلميحات من أنماط السلوك والاتجاهات الأبوية . وقد يقبل الأشقاء أو يرفضون الطفل المعوق اعتماداً على اتجاهات آبائهم ، وقد يرفضون بالتأكيد الانغماس المتزايد لآبائهم مع الطفل المعوق .
إن القبول الحقيقي للمشاركة في رعاية الطفل المعوق يخلق موقفاً عائلياً أكثر إنتاجاً وسعادة . فالأشقاء الذين يعلمون بأن لديهم أخاً معوق ، عادة ما يكونون مثقلين بعدة أنواع من الهموم . وهناك بعض الأسئلة المتداولة بينهم مثل:
لماذا يحدث هذا ؟
وماذا سأقول لأصدقائي عنه ؟
وهل سأقوم بالعناية به طوال حياتي؟
فالأشقاء كآبائهم يريدون أن يعرفوا ويفهموا قدر الإمكان عن حالة أخيهم المعوق . ويريد الأشقاء أن يعرفوا أيضاً كيف ستكون حياتهم مختلفة نتيجة لهذا الحدث . وإذا تم الحديث عن هذه الهموم بشكل كاف فإن التنبؤ بمشاركة الأشقاء الإيجابية مع أخيهم المعوق ستكون أفضل (جاك سي استيورت ، 1996، ص159-160) .
وإن التهاون في عدم إعداد الأسرة لتقبل الطفل المعوق يؤدي إلى سلسلة من ردود الأفعال مثل اختلاف معاملة الطفل المعوق عن معاملة الطفل العادي وعدم تقبل الإعاقة كحقيقة قائمة وعدم تقبل النصح بإمكانية العلاج والشفاء وبالتالي حرمان الطفل من الشعور بالأمن والأمان .
وعندما يكون الطفل المعوق محوراً لخصومة غبية من جانب الأسرة تبدو الإعاقة وكأنها ذنب اقترفه الطفل عن طيب خاطر وهذا يؤدي إلى إعاقة نموه الطبيعي ويشعر بالذنب والإهمال ومن الطبيعي أن نتائج هذا السلوك الشاذ من جانب الأسرة لها انعكاساتها على التكوين العقلي والنفسي والاجتماعي لشخصية الطفل المعوق ولأمد طويل.
ومن أهم النتائج المترتبة على ذلك : (لطفي بركات احمد، 1981 ص144-147)
1) فقدان الشعور بالأمن والطمأنينة وممارسة أنماط من السلوك غير الاجتماعي والميل إلى الانعزالية والعدوانية .
2) الوضع غير العادي للطفل المعوق في الأسرة ، فهو عادة لا يأخذ مكانه العادي مثل اخوته فهو إما أن يدلل أو ينبذ وهذا الوضع الشاذ ينعكس أثره على سلوك الطفل المعوق فيظهر في سوء الخلق والحقد والكراهية والشعور بالقلق .
3) النقص في الخبرة ، في حالة إعطاء الأسرة لطفلها المعوق اتجاهاً سلبياً عند التعامل وتحصيل الخبرة من الأشياء المحيطة به ، فإن هذه السلبية تؤدي إلى إعاقة نموه طبيعياً واجتماعياً ونفسياً وخلال هذا تنمو جذور سلوك الأمراض الاجتماعية .
وهناك فئة من الآباء قد تستجيب للطفل المعوق بالحماية الزائدة . والواقع أنها ليست عطفاً عليه ، لكنها خدمة سيئة وغير مطلوبة ، وهي تضيف عبئاً جديداً على مشكلات الطفل المعوق . والحماية الزائدة تتضمن في الواقع عدم تقبل الطفل المعوق كفرد له حقوقه الذاتية قادر على أداء الوظائف المناسبة لقدراته ، وعلى المدى الطويل فإنها تهدد شعوره بالأمن ، وتثير فيه الخوف من فقد الحماية (ماهر محمود الهواري، 1401هـ ص82) .
وهذه الاتجاهات الوالدية نحو الطفل المعوق تترك أثرا عميقا في نفسه وفي تكوين فكرته عن ذاته وقدراته وإمكانياته . ومن هنا يجب أن يؤهل الطفل المعوق اجتماعيا واقتصاديا من خلال التنشئة الاجتماعية في الأسرة وفي المدرسة كأساس للتأهيل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، ومنحه الفرصة للقيام بعمل مناسب لقدراته وتأمين حياته المادية (محمد عبد المؤمن حسين، 1986، ص29) .
* دور المرشد في المشكلات الأسرية :
1- قبل أن يبدأ الإرشاد الفعال ، يجب على الوالدين أن يثقوا بالمرشد . فبناء علاقة قائمة على الثقة هي بمثابة المرحلة الأولى في عملية الإرشاد. وهي تبدأ مع تعرف الوالدين إلى الأشخاص الذين سيقومون على رعاية أبنهم . وقد يكون بناء علاقة ثقة أمراً صعباً في البداية ، فقد يكون الوالدان في خضم محاولات للتعامل مع الأسى والمخاوف ومشاعر الذنب في ذات الوقت الذي يتعرفان فيه إلى المرشد ، وهنا يجب على المرشد أن يطمئن الوالدين ويحثهما على التعبير عن مخاوفهما . وقد تأخذ الثقة فترة زمنية طويلة حتى تتطور .
وعلى أية حال ، فمن الممكن التسرع في ذلك إذا استخدم المرشد أساليب لمساعدة الوالدين للشعور بالقبول والاحترام . وإذا أظهر المرشد اهتماما حقيقياً بالطفل المعوق وأسرته فهم سيتعلمون تدريجياً أن يثقوا بالمرشد .
إن على المرشد أن يبدي اتجاها ينم عن الاهتمام والرعاية وأن يزود الوالدين بالتعزيز لتواصلهما مع طفلهما (جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص 228) . فإذا أدرك الوالدان أن المرشد يقدرهما كأشخاص فهما سيشعران براحة أكبر لعلاقتهما معه . ويلاحظ مايلز Miles أن معظم الآباء يعانون من انخفاض التقدير الذاتي ولو لبعض الوقت أثناء الأزمة ، ولذلك فإن أية استراتيجية (مثل التعزيز الإيجابي) من شأنها زيادة مستوى التقدير الذاتي هي استراتيجية مفيدة (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 230 ) .
2- يجب أن يكون المرشد متفهماً لحاجات الأسرة على الدوام . وعليه أن يخلق جواً مريحاً يسمح لهم بالحوار . وفي حالات كثيرة يكون الوالدان في خضم عملية الأسى عندما يلتقي المرشد بهما لأول مرة . ويجب أن يكون المرشدون على وعي بمراحل الأسى المختلفة وهي : (النكران ، الغضب ، المساومة ، الاكتئاب ، القبول) ومدركين لمؤشرات النكوص مادامت علاقتهم بالوالدين مستمرة .
إن استخدام المرشد الفعال لمهارات التواصل تحتل أهمية خاصة أثناء عملية الأسى . فالمرشد في هذه الحالة يصبح العنصر الحيوي في تسهيل هذه العملية . والمرشد الفعال يطور في النهاية أسلوبه الخاص الفردي الذي يعبر من خلاله لأسرة الطفل المعوق عن فهمه وإدراكه للموقف الكلي (جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص 229) .
3- يقوم المرشد بتوجيه أفراد أسرة الطفل المعوق إلى أفضل السبل لتحقيق تربية طفلها تربية سليمة ولتوفير البيئة التربوية والنفسية والاجتماعية لإتاحة النمو الطبيعي لجوانب شخصية الطفل، ويستلزم الأمر من جانب المرشد أن يعدل أو يغير من اتجاهات هؤلاء الأفراد في النواحي التالية : (سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 412)
أ- تقبل الإعاقة ، وبالتالي تقبل الطفل المعوق والتسليم بالأمر الواقع .
ب- معاونة الطفل المعوق معاونة عادية مثل غيره من إخوانه الأطفال، وعدم التأثر بالإعاقة في تغيير نمط هذه المعاملة الطبيعية.
ج- الإلمام بفكرة صحيحة عن ماهية الإعاقة وشئون المعاقين وعالمهم .
د- الإلمام بأسس واتجاهات الرعاية التربوية والنفسية والاجتماعية للطفل المعوق ويحسن أن يكون لدى الأسرة دليل تربوي بمثابة موجه لهم في تربية أطفالهم .
هـ- إتباع الطرق والسلوك المناسب لتدريب الحواس الباقية مع الإلمام الصحيح بالأهمية التربوية والنفسية في تربية الحواس الباقية إذ أن الملاحظات الحسية تكون القاعدة العريضة للتربية العقلية للمعوق .
و- تجنب الظروف والملابسات التي تؤدي إلى تكوين الإحساس بالانحطاط أو الشعور بالذنب .
ز- مراعاة أن لا تؤدي ردود أفعالهم على تصرفاته إلى جرح مشاعره واحساساته .
ح- تزويد المعوق بالخبرات المتنوعة عن طريق معرفة الأشياء المحيطة به والإلمام بجميع مجالات النشاط البشري في المجتمع تبعا لقدراته التحصيلية وبالطرق والوسائل المناسبة لظروفه الخاصة .
ط- عدم القيام بالخدمة المستمرة للطفل المعوق ، فهذا يؤدي إلى ضعف إرادته وعدم استقلال ذاته . وعلى العكس من هذا يحسن أن يتعود الطفل على خدمة نفسه كقاعدة لها قيمتها لتكوين إرادة الطفل .
4) ويجب أن يكون المرشدون على مستوى كبير من الفهم لأثر الطفل المعوق على أسرته وأشقائه العاديين ، كما على المرشدين أن يكونوا على وعي باحتمالات الأسرة الممتدة ، وهو مصطلح عادةً ما يستخدم لوصف أعضاء الأسرة الآخرين مثل الأجداد ، والأخوة والأخوات والآباء أو أعضاء الأسرة المقربين . ويكون هؤلاء الأقارب جزءاً من شبكة المصادر التي يمكنها أن تقدم الدعم والراحة والفهم لأب الطفل المعوق .
وخارج نطاق العائلة الممتدة، توجد شبكة متنامية من الناس الذين يتقاسمون التجارب المفجعة مع الآخرين الذين سيجربون أو جربوا الحدث نفسه . فالشبكة إذن عملية لربط الناس بعضهم ببعض كمصادر للمساعدة والدعم ومساعدة الآخرين في إيجاد الخدمات والمعلومات التي يحتاجونها . وفي عدة حالات يريد الآباء التحدث مع الآباء الآخرين الذين مروا بمصاعب مماثلة وتكيفوا معها (جاك سي استيورت ، 1996، ص 161) .
5) محاولة المرشد القيام بالإرشاد الجماعي للأباء الذين أصيب أطفالهم بالإعاقة ، يكون الغرض منها هو التعاون فيما بينهم لإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم الخاصة بأطفالهم المعوقين (محمود محمد حسن ، 1989، ص 198) . وكذلك إرشادهم عن كيفية مساعدة الطفل المعوق كي يتمتع بحياة سعيدة ، وتزويده بالخبرات المتنوعة التي تساعده على الاعتماد على نفسه والاستقلال بذاته، وتسهيل تكيفه النفسي والاجتماعي (لطفي بركات احمد، 1981، ص 148) .
6) إن برامج التدخل المبكر الناجحة التي يقوم بها المرشد هي تلك البرامج التي تدعم الآباء للقيام بدور المعلم الأساسي للطفل المعوق ، وتعمل على تدعيم العلاقة بين الآباء وأطفالهم . وللأباء حق أساسي لا يمكن التغاضي عنه في المشاركة بتربية الطفل . وهذه المشاركة تضفي على العناية بالطفل صفة الاستمرارية وينجم عنها فوائد للأطفال الآخرين في الأسرة (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص185) . فالعمل على تحسين مشاركة أعضاء الأسرة ( من خلال برامج الإرشاد الأسري ) في وضع سياسة لتكييف حياتهم الأسرية تؤدي إلى رفع درجة تقبل الطفل المعوق (فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 317) .
فمشاركة الآباء في برامج الأطفال المعوقين أمر لابد منه إذا كنا نسعى إلى مساعدة الأطفال على بلوغ أقصى درجة ممكنة من النمو والتطور . ولما كانت معظم البرامج تتوخى تحقيق أهداف محددة ، فإن الاتساق بين البيت والمدرسة شرط أساسي لتحقيقها . وقد يحتاج الآباء إلى مساعدة المرشد لفهم طبيعة الإعاقة ، وقد يحتاجون تدريباً خاص للعمل مع الطفل المعوق (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 186) .
7) وينبغي على المرشدين أن يعوا الاختلافات في إدراكاتهم وإدراكات الآباء للطفل المعوق ، فهي قد تعيق عملية التواصل . فأباء الأطفال المعوقين بشر ويواجهون الاحباطات نفسها التي يواجهها المعلم والمرشد في المدرسة أو المؤسسة ولكن على مدى 24 ساعة في اليوم . وغالباً ما يشعر هؤلاء الآباء بالضياع والارتباك والغضب . وأحياناً يستطيعون تقديم الدعم والمساعدة والتفهم ، وعلى أقل تقدير أنهم يشكلون خليطاً من الإحباطات والعواطف والإحساس بالذنب .
فكم من مرة فكر المرشد لو أن الأب يفعل كذا وكذا مع ابنه في البيت ، أو ليتني أستطيع أن اقنع الأب بالحضور إلى المدرسة لأراه ، بل وحتى أن هذا الطفل يتصرف على هذا النحو نتيجة أخطاء والديه . لإرشاد الوالدين بفعالية من المهم إدراك حقيقة ما تعنيه أبوة وأمومة الطفل المعوق (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 156) .
لذلك فإن على المرشدين أن يتعاملوا باحترام مع الثقافة والأهداف المختلفة للأباء وأن يقيمّوا باستمرار طرق التواصل التي يوظفونها ، فالتواصل الواضح بين الآباء والمرشدين هو المفتاح للمشاركة الفاعلة للآباء . ويتحمل المرشدين مسئولية التأكد من أن الفرص متاحة للآباء ليشاركوا في البرنامج التربوي للطفل بما في ذلك المشاركة في اتخاذ القرارات (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص186) .
===============
المراجع :
1) سيد عبدالحميد مرسي (1975) . الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي والمهني . مكتبة الخانجي . مصر .
2) ماهر محمود الهواري (1401هـ) . شخصية الكفيف . عدد 51 رمضان 1401 هـ . مجلة الفيصل . الرياض . ص . ص 76ـ 82.
3) لطفي بركات احمد (1981) . تربية المعوقين في الوطن العربي . دار المريخ . الرياض .
4) جاك سي استيورت ، ترجمة عبدالصمد قائد الأغبري وفريدة عبدالوهاب آل مشرف (1996) . إرشاد الآباء ذوي الأطفال غير العاديين . جامعة الملك سعود . الرياض .
5) محمد عبدالمؤمن حسن ( 1986 ) . سيكولوجية غير العاديين وتربيتهم . دار الفكر الجامعي . الازاريطة .
6) جمال الخطيب وآخرون (1992) . إرشاد أسر الأطفال ذوي الحاجات الخاصة . دار حنين . عمان .
7) فتحي السيد عبدالرحيم وحليم السعيد بشاي (1982) . سيكولوجية الأطفال غير العاديين . الجزء الثاني . دار القلم . الكويت.
-----------------------------
إعداد : عبداللطيف بن محمد الجعفري
لقد ثبت علميا أن سلوك الفرد يتأثر بالبيئة الأولى التي يحتك بها وان شخصية الإنسان تتشكل تبعا للخبرات التي يمر بها في مرحلة الطفولة وما يستجد بعد ذلك في شخصيته يكون مرتبطا إلى حد كبير بطفولته التي تعتبر أساسا لهذه الشخصية ، وهذه الحقائق لا تختلف في قليل أو كثير بالنسبة للطفل المعوق (سيد عبدالحميد مرسي، 1975، ص412) .
فاتجاهات الأسرة نحو أطفالهم المعوقين تلعب الدور الكبير في تقبله أو رفضه للإعاقة ، ومن ثم في تكيفه النفسي والاجتماعي فهناك تصرفات مختلفة من الآباء نحو الطفل المعوق منها: القبول، الرفض ، التدليل والحماية المبالغة ، إنكار وجود الإعاقة بصفة عامة ، الإعراض سواء كان ظاهرا أو مقنعا .
فالنبذ قد يشعر به الأب كرد فعل لما قد يرى فيه انتقاماً إلهياً لذنوب ارتكبها . لذلك فهو لا يريد ولا يتقبل من يذكره بخطيئته وسوء حظه . إن الطفل المعوق يحتاج إلى رعاية أكثر ويحتاج إلى إشباع دوافع هامة وعاجلة، ولكن الأب قد يقابل ذلك بالحرمان وعدم التقبل . إن الطفل المعوق يحتاج إلى إثارة وتنبيه ، أكثر من الطفل العادي ، لكنه في الواقع قد يأخذ أقل . ومن الآباء من يستجيب لهذه الصدمة بالانقباض . إن بعض الآباء قد يندب حظه العاثر لهذه الكارثة التي ألمت به . فقد يستجيب له بالجمود والتجاهل التام، وبعض الآباء قد يستجيب بمشاعر القلق وعدم القدرة على التصرف في مواجهة مشكلة الابن المعوق (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 82) .
فالمشاكل تبدأ في الظهور عندما يكون الوالدان غير مستعدين لتقبل الإعاقة كحقيقة واقعة والتي ربما تكون مصدر إزعاج في حياة الأسرة إذ يؤثر عليها كصدمة تخلف وراءها مشاعر واحساسات سلبية تكون بمثابة قاعدة اجتماعية تشكل إرادياً أو لا إرادياً سلوك الأم تجاه طفلها الرضيع وهذا يؤدي بدوره إلى عصبية الأم والتي يحتمل أن تنتقل بالتالي إلى طفلها الرضيع فيصبح هو أيضاً عصبياً (لطفي بركات احمد ، 1981، ص 143) .
كما أن أشقاء الطفل المعوق ، كما هو الحال بالنسبة للآخرين ، عادة ما يأخذون التلميحات من أنماط السلوك والاتجاهات الأبوية . وقد يقبل الأشقاء أو يرفضون الطفل المعوق اعتماداً على اتجاهات آبائهم ، وقد يرفضون بالتأكيد الانغماس المتزايد لآبائهم مع الطفل المعوق .
إن القبول الحقيقي للمشاركة في رعاية الطفل المعوق يخلق موقفاً عائلياً أكثر إنتاجاً وسعادة . فالأشقاء الذين يعلمون بأن لديهم أخاً معوق ، عادة ما يكونون مثقلين بعدة أنواع من الهموم . وهناك بعض الأسئلة المتداولة بينهم مثل:
لماذا يحدث هذا ؟
وماذا سأقول لأصدقائي عنه ؟
وهل سأقوم بالعناية به طوال حياتي؟
فالأشقاء كآبائهم يريدون أن يعرفوا ويفهموا قدر الإمكان عن حالة أخيهم المعوق . ويريد الأشقاء أن يعرفوا أيضاً كيف ستكون حياتهم مختلفة نتيجة لهذا الحدث . وإذا تم الحديث عن هذه الهموم بشكل كاف فإن التنبؤ بمشاركة الأشقاء الإيجابية مع أخيهم المعوق ستكون أفضل (جاك سي استيورت ، 1996، ص159-160) .
وإن التهاون في عدم إعداد الأسرة لتقبل الطفل المعوق يؤدي إلى سلسلة من ردود الأفعال مثل اختلاف معاملة الطفل المعوق عن معاملة الطفل العادي وعدم تقبل الإعاقة كحقيقة قائمة وعدم تقبل النصح بإمكانية العلاج والشفاء وبالتالي حرمان الطفل من الشعور بالأمن والأمان .
وعندما يكون الطفل المعوق محوراً لخصومة غبية من جانب الأسرة تبدو الإعاقة وكأنها ذنب اقترفه الطفل عن طيب خاطر وهذا يؤدي إلى إعاقة نموه الطبيعي ويشعر بالذنب والإهمال ومن الطبيعي أن نتائج هذا السلوك الشاذ من جانب الأسرة لها انعكاساتها على التكوين العقلي والنفسي والاجتماعي لشخصية الطفل المعوق ولأمد طويل.
ومن أهم النتائج المترتبة على ذلك : (لطفي بركات احمد، 1981 ص144-147)
1) فقدان الشعور بالأمن والطمأنينة وممارسة أنماط من السلوك غير الاجتماعي والميل إلى الانعزالية والعدوانية .
2) الوضع غير العادي للطفل المعوق في الأسرة ، فهو عادة لا يأخذ مكانه العادي مثل اخوته فهو إما أن يدلل أو ينبذ وهذا الوضع الشاذ ينعكس أثره على سلوك الطفل المعوق فيظهر في سوء الخلق والحقد والكراهية والشعور بالقلق .
3) النقص في الخبرة ، في حالة إعطاء الأسرة لطفلها المعوق اتجاهاً سلبياً عند التعامل وتحصيل الخبرة من الأشياء المحيطة به ، فإن هذه السلبية تؤدي إلى إعاقة نموه طبيعياً واجتماعياً ونفسياً وخلال هذا تنمو جذور سلوك الأمراض الاجتماعية .
وهناك فئة من الآباء قد تستجيب للطفل المعوق بالحماية الزائدة . والواقع أنها ليست عطفاً عليه ، لكنها خدمة سيئة وغير مطلوبة ، وهي تضيف عبئاً جديداً على مشكلات الطفل المعوق . والحماية الزائدة تتضمن في الواقع عدم تقبل الطفل المعوق كفرد له حقوقه الذاتية قادر على أداء الوظائف المناسبة لقدراته ، وعلى المدى الطويل فإنها تهدد شعوره بالأمن ، وتثير فيه الخوف من فقد الحماية (ماهر محمود الهواري، 1401هـ ص82) .
وهذه الاتجاهات الوالدية نحو الطفل المعوق تترك أثرا عميقا في نفسه وفي تكوين فكرته عن ذاته وقدراته وإمكانياته . ومن هنا يجب أن يؤهل الطفل المعوق اجتماعيا واقتصاديا من خلال التنشئة الاجتماعية في الأسرة وفي المدرسة كأساس للتأهيل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، ومنحه الفرصة للقيام بعمل مناسب لقدراته وتأمين حياته المادية (محمد عبد المؤمن حسين، 1986، ص29) .
* دور المرشد في المشكلات الأسرية :
1- قبل أن يبدأ الإرشاد الفعال ، يجب على الوالدين أن يثقوا بالمرشد . فبناء علاقة قائمة على الثقة هي بمثابة المرحلة الأولى في عملية الإرشاد. وهي تبدأ مع تعرف الوالدين إلى الأشخاص الذين سيقومون على رعاية أبنهم . وقد يكون بناء علاقة ثقة أمراً صعباً في البداية ، فقد يكون الوالدان في خضم محاولات للتعامل مع الأسى والمخاوف ومشاعر الذنب في ذات الوقت الذي يتعرفان فيه إلى المرشد ، وهنا يجب على المرشد أن يطمئن الوالدين ويحثهما على التعبير عن مخاوفهما . وقد تأخذ الثقة فترة زمنية طويلة حتى تتطور .
وعلى أية حال ، فمن الممكن التسرع في ذلك إذا استخدم المرشد أساليب لمساعدة الوالدين للشعور بالقبول والاحترام . وإذا أظهر المرشد اهتماما حقيقياً بالطفل المعوق وأسرته فهم سيتعلمون تدريجياً أن يثقوا بالمرشد .
إن على المرشد أن يبدي اتجاها ينم عن الاهتمام والرعاية وأن يزود الوالدين بالتعزيز لتواصلهما مع طفلهما (جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص 228) . فإذا أدرك الوالدان أن المرشد يقدرهما كأشخاص فهما سيشعران براحة أكبر لعلاقتهما معه . ويلاحظ مايلز Miles أن معظم الآباء يعانون من انخفاض التقدير الذاتي ولو لبعض الوقت أثناء الأزمة ، ولذلك فإن أية استراتيجية (مثل التعزيز الإيجابي) من شأنها زيادة مستوى التقدير الذاتي هي استراتيجية مفيدة (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 230 ) .
2- يجب أن يكون المرشد متفهماً لحاجات الأسرة على الدوام . وعليه أن يخلق جواً مريحاً يسمح لهم بالحوار . وفي حالات كثيرة يكون الوالدان في خضم عملية الأسى عندما يلتقي المرشد بهما لأول مرة . ويجب أن يكون المرشدون على وعي بمراحل الأسى المختلفة وهي : (النكران ، الغضب ، المساومة ، الاكتئاب ، القبول) ومدركين لمؤشرات النكوص مادامت علاقتهم بالوالدين مستمرة .
إن استخدام المرشد الفعال لمهارات التواصل تحتل أهمية خاصة أثناء عملية الأسى . فالمرشد في هذه الحالة يصبح العنصر الحيوي في تسهيل هذه العملية . والمرشد الفعال يطور في النهاية أسلوبه الخاص الفردي الذي يعبر من خلاله لأسرة الطفل المعوق عن فهمه وإدراكه للموقف الكلي (جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص 229) .
3- يقوم المرشد بتوجيه أفراد أسرة الطفل المعوق إلى أفضل السبل لتحقيق تربية طفلها تربية سليمة ولتوفير البيئة التربوية والنفسية والاجتماعية لإتاحة النمو الطبيعي لجوانب شخصية الطفل، ويستلزم الأمر من جانب المرشد أن يعدل أو يغير من اتجاهات هؤلاء الأفراد في النواحي التالية : (سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 412)
أ- تقبل الإعاقة ، وبالتالي تقبل الطفل المعوق والتسليم بالأمر الواقع .
ب- معاونة الطفل المعوق معاونة عادية مثل غيره من إخوانه الأطفال، وعدم التأثر بالإعاقة في تغيير نمط هذه المعاملة الطبيعية.
ج- الإلمام بفكرة صحيحة عن ماهية الإعاقة وشئون المعاقين وعالمهم .
د- الإلمام بأسس واتجاهات الرعاية التربوية والنفسية والاجتماعية للطفل المعوق ويحسن أن يكون لدى الأسرة دليل تربوي بمثابة موجه لهم في تربية أطفالهم .
هـ- إتباع الطرق والسلوك المناسب لتدريب الحواس الباقية مع الإلمام الصحيح بالأهمية التربوية والنفسية في تربية الحواس الباقية إذ أن الملاحظات الحسية تكون القاعدة العريضة للتربية العقلية للمعوق .
و- تجنب الظروف والملابسات التي تؤدي إلى تكوين الإحساس بالانحطاط أو الشعور بالذنب .
ز- مراعاة أن لا تؤدي ردود أفعالهم على تصرفاته إلى جرح مشاعره واحساساته .
ح- تزويد المعوق بالخبرات المتنوعة عن طريق معرفة الأشياء المحيطة به والإلمام بجميع مجالات النشاط البشري في المجتمع تبعا لقدراته التحصيلية وبالطرق والوسائل المناسبة لظروفه الخاصة .
ط- عدم القيام بالخدمة المستمرة للطفل المعوق ، فهذا يؤدي إلى ضعف إرادته وعدم استقلال ذاته . وعلى العكس من هذا يحسن أن يتعود الطفل على خدمة نفسه كقاعدة لها قيمتها لتكوين إرادة الطفل .
4) ويجب أن يكون المرشدون على مستوى كبير من الفهم لأثر الطفل المعوق على أسرته وأشقائه العاديين ، كما على المرشدين أن يكونوا على وعي باحتمالات الأسرة الممتدة ، وهو مصطلح عادةً ما يستخدم لوصف أعضاء الأسرة الآخرين مثل الأجداد ، والأخوة والأخوات والآباء أو أعضاء الأسرة المقربين . ويكون هؤلاء الأقارب جزءاً من شبكة المصادر التي يمكنها أن تقدم الدعم والراحة والفهم لأب الطفل المعوق .
وخارج نطاق العائلة الممتدة، توجد شبكة متنامية من الناس الذين يتقاسمون التجارب المفجعة مع الآخرين الذين سيجربون أو جربوا الحدث نفسه . فالشبكة إذن عملية لربط الناس بعضهم ببعض كمصادر للمساعدة والدعم ومساعدة الآخرين في إيجاد الخدمات والمعلومات التي يحتاجونها . وفي عدة حالات يريد الآباء التحدث مع الآباء الآخرين الذين مروا بمصاعب مماثلة وتكيفوا معها (جاك سي استيورت ، 1996، ص 161) .
5) محاولة المرشد القيام بالإرشاد الجماعي للأباء الذين أصيب أطفالهم بالإعاقة ، يكون الغرض منها هو التعاون فيما بينهم لإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم الخاصة بأطفالهم المعوقين (محمود محمد حسن ، 1989، ص 198) . وكذلك إرشادهم عن كيفية مساعدة الطفل المعوق كي يتمتع بحياة سعيدة ، وتزويده بالخبرات المتنوعة التي تساعده على الاعتماد على نفسه والاستقلال بذاته، وتسهيل تكيفه النفسي والاجتماعي (لطفي بركات احمد، 1981، ص 148) .
6) إن برامج التدخل المبكر الناجحة التي يقوم بها المرشد هي تلك البرامج التي تدعم الآباء للقيام بدور المعلم الأساسي للطفل المعوق ، وتعمل على تدعيم العلاقة بين الآباء وأطفالهم . وللأباء حق أساسي لا يمكن التغاضي عنه في المشاركة بتربية الطفل . وهذه المشاركة تضفي على العناية بالطفل صفة الاستمرارية وينجم عنها فوائد للأطفال الآخرين في الأسرة (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص185) . فالعمل على تحسين مشاركة أعضاء الأسرة ( من خلال برامج الإرشاد الأسري ) في وضع سياسة لتكييف حياتهم الأسرية تؤدي إلى رفع درجة تقبل الطفل المعوق (فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 317) .
فمشاركة الآباء في برامج الأطفال المعوقين أمر لابد منه إذا كنا نسعى إلى مساعدة الأطفال على بلوغ أقصى درجة ممكنة من النمو والتطور . ولما كانت معظم البرامج تتوخى تحقيق أهداف محددة ، فإن الاتساق بين البيت والمدرسة شرط أساسي لتحقيقها . وقد يحتاج الآباء إلى مساعدة المرشد لفهم طبيعة الإعاقة ، وقد يحتاجون تدريباً خاص للعمل مع الطفل المعوق (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 186) .
7) وينبغي على المرشدين أن يعوا الاختلافات في إدراكاتهم وإدراكات الآباء للطفل المعوق ، فهي قد تعيق عملية التواصل . فأباء الأطفال المعوقين بشر ويواجهون الاحباطات نفسها التي يواجهها المعلم والمرشد في المدرسة أو المؤسسة ولكن على مدى 24 ساعة في اليوم . وغالباً ما يشعر هؤلاء الآباء بالضياع والارتباك والغضب . وأحياناً يستطيعون تقديم الدعم والمساعدة والتفهم ، وعلى أقل تقدير أنهم يشكلون خليطاً من الإحباطات والعواطف والإحساس بالذنب .
فكم من مرة فكر المرشد لو أن الأب يفعل كذا وكذا مع ابنه في البيت ، أو ليتني أستطيع أن اقنع الأب بالحضور إلى المدرسة لأراه ، بل وحتى أن هذا الطفل يتصرف على هذا النحو نتيجة أخطاء والديه . لإرشاد الوالدين بفعالية من المهم إدراك حقيقة ما تعنيه أبوة وأمومة الطفل المعوق (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 156) .
لذلك فإن على المرشدين أن يتعاملوا باحترام مع الثقافة والأهداف المختلفة للأباء وأن يقيمّوا باستمرار طرق التواصل التي يوظفونها ، فالتواصل الواضح بين الآباء والمرشدين هو المفتاح للمشاركة الفاعلة للآباء . ويتحمل المرشدين مسئولية التأكد من أن الفرص متاحة للآباء ليشاركوا في البرنامج التربوي للطفل بما في ذلك المشاركة في اتخاذ القرارات (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص186) .
===============
المراجع :
1) سيد عبدالحميد مرسي (1975) . الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي والمهني . مكتبة الخانجي . مصر .
2) ماهر محمود الهواري (1401هـ) . شخصية الكفيف . عدد 51 رمضان 1401 هـ . مجلة الفيصل . الرياض . ص . ص 76ـ 82.
3) لطفي بركات احمد (1981) . تربية المعوقين في الوطن العربي . دار المريخ . الرياض .
4) جاك سي استيورت ، ترجمة عبدالصمد قائد الأغبري وفريدة عبدالوهاب آل مشرف (1996) . إرشاد الآباء ذوي الأطفال غير العاديين . جامعة الملك سعود . الرياض .
5) محمد عبدالمؤمن حسن ( 1986 ) . سيكولوجية غير العاديين وتربيتهم . دار الفكر الجامعي . الازاريطة .
6) جمال الخطيب وآخرون (1992) . إرشاد أسر الأطفال ذوي الحاجات الخاصة . دار حنين . عمان .
7) فتحي السيد عبدالرحيم وحليم السعيد بشاي (1982) . سيكولوجية الأطفال غير العاديين . الجزء الثاني . دار القلم . الكويت.
-----------------------------
إعداد : عبداللطيف بن محمد الجعفري