المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المشكلات الأسرية الناتجة عن إصابة المسن بخرف الشيخوخة


s.w.maryam
08-26-2009, 04:38 PM
مقدمة
إن العلاقة بين المرض والأسرة علاقة متبادلة، فكلاهما يؤثر في الآخر سواء بالسلب أو الإيجاب، فإذا نظرنا إلى الأسرة على أنها نسق اجتماعي، فإن أهم خواص النسق هو المحافظة على التوازن، ومن هذا المنطلق، فإن أي تغيير يصيب أحد أفراد الأسرة يحتم على بقية الأفراد أن تتوافق مع هذا التغير بهدف المحافظة على التوازن.
وإصابة المسن بخرف الشيخوخة يخلق حالة من التوتر في الأسرة كنسق اجتماعي، وتحاول الأسرة من خلال أفرادها أن تتوافق مع المريض بما لديها من إمكانات وأساليب.
ومن الملاحظ أن الأسر تختلف إلى حد كبير في قدرتها على التوافق مع المواقف الضاغطة، واختلافها يرجع إلى التفاعل بين موارد الأسرة من ناحية، وحدة المواقف الضاغطة من ناحية أخرى.
ويعتبر التغير في الأدوار الاجتماعية لأفراد أسرة المريض، من أكثر الضغوط تأثيراً على الأسرة، فإصابة المسن بمرض الخرف من ناحية تؤثر في دور المريض تأثيراً كبيراً، حيث تتضاءل قدرة المريض على القيام بواجباته والتزاماته الأسرية والاجتماعية. ولا يقف تأثير المرض عند هذا الحد، بل يتجاوز هذا إلى التأثير في أدوار أفراد الأسرة الآخرين، حيث تؤدي العناية بالمريض إلى بروز أدوار جديدة ترتبط بالرعاية الجسمية الشاملة، والملاحظة الدائمة لسلوك المريض وتصرفاته.













أولاً: مفهوم خرف الشيخوخة:
هو فقد القدرات الذهنية من ذاكرة ومن حكم على الأمور ومن التفكير المجرد، بالإضافة إلى اضطراب الوظائف العليا لقشرة المخ، وهذا يؤدي إلى تغير في الشخصية والسلوك، مما ينعكس بدوره على الأداء الوظيفي والأداء الاجتماعي لدى المسن(الميلادي، 2002: 62).
ويوجد نوعان لمرض خرف الشيخوخة، أولهما نمط الزهيمر Alzheimer والذي يسمى أيضا ً الخلل الأولي للخلايا العصبية، وثانيهما خرف الاحتشاء المتعدد والذي يسمى أيضا ً نمط الأوعية الدموية Cerebrovascular ، كما يشمل عدة أنواع أخرى.
وتتسم جميع هذه الاضطرابات بأنها خطيرة، وتوصف طبياً بأنها لا تقبل الشفاء irreversible وبالتالي فهي مزمنة، وهي علامة على الخلل النهائي الذي ينتهي بالمسن في هذا الطور إلى الموت(أبو حطب، 1990: 732).

ثانياً: أعراض خرف الشيخوخة:
هناك عدة أعراض تصاحب الإصابة بخرف الشيخوخة، بعضها عقلية وسلوكية، وبعضها الآخر حسية، وتتمثل الأعراض العقلية والسلوكية فيما يلي:
• عجز الذاكرة والذي ينتج عن الفشل في تسجيل الأحداث، أو الفشل في الاحتفاظ بما تم تسجيله، أو العجز عن الاسترجاع الاختياري من الذاكرة.
• العجز العقلي المعرفي والذي يظهر في صورة فشل المسن في فهم الحقائق والأفكار، والعجز عن التفاعل مع المشكلات البسيطة، والفشل في اكتساب سلوك جديد وتعلمه بسبب اضطرابات الذاكرة، مع سيطرة النمطية والقصور الذاتي، ويظهر ذلك في صورة تكرار الاستجابة حتى وإن كانت لا تتناسب مع المثير أو الموقف ، كما يتسم النشاط العقلي بالتفكير الحسي الحركي والتفكير العياني الشبيه بتفكير الأطفال.
• العجز الشخصي الاجتماعي والذي يتمثل في صعوبة فهم المواقف الشخصية ووضع الخطط واتخاذ القرارات والعجز عن معرفة هوية الأشخاص الآخرين، وتجنب المواقف الصعبة بالانشغال عنها بأعمال لا صلة لها بهذه المواقف، ويزيد الموقف حدة الاضطرابات اللغوية والإدراكية والحركية المصاحبة لذلك.
• العجز عن تحديد الاتجاهات ويتمثل في الخلط في تقدير الزمان والمكان مع ظهور الخلط الزماني أولا ً.
• العجز الانفعالي، ويتمثل في التحول من الانفعالية الشديدة إلى التبلد الانفعالي، ويتم هذا التحول بسرعة وبدون سبب ظاهر(أبو حطب، 1990: 733-734).
أما الأعراض الحسية فهي كما يلي :
• التغيرات البصرية، والتي قد تؤدي إلى تعثره في الأثاث وسقوطه.
• ضعف السمع وعدم التمييز بين الأصوات، مما يسبب الإزعاج لأفراد الأسرة حين يتحدثون معه.
• تليف عضلات الجسم، وضعف التوازن مما يجعل مريض الخرف غير متزن في المشي (جميعي،2007: 9-10).

ثالثاًً: النظريات المفسرة لعلاقة الأسرة بمرض خرف الشيخوخة:
إن العلاقة بين المرض والأسرة علاقة متبادلة، فكلاهما يؤثر في الآخر سواء بالسلب أو الإيجاب، وسنعرض للعلاقة هنا بناء على عدة نظريات:
1. نظرية الدور:
تؤثر إصابة المسن بمرض الخرف في الأدوار الاجتماعية لأفراد الأسرة، فالإصابة بمرض الخرف من ناحية تؤثر في دور المريض تأثيرا ً كبيرا ً، حيث تتضاءل قدرة المريض على القيام بواجباته والتزاماته الأسرية والاجتماعية.
ولا يقف تأثير المرض عند هذا الحد، بل يتجاوز هذا إلى التأثير في أدوار أفراد الأسرة الآخرين، حيث تؤدي العناية بالمريض إلى بروز أدوار جديدة ترتبط بالرعاية الجسمية الشاملة، والملاحظة الدائمة لسلوك المريض وتصرفاته، لأن إهماله قد يؤدي إلى إلحاق الأذى بنفسه أو بغيره. وهذه الأدوار الجديدة تؤثر بلا شك في سائر الأدوار الأخرى لأفراد الأسرة، مما ينعكس على وظيفة الأسرة واتزانها.
وتبدو أهمية قدرة الأسرة على تعويض الأدوار التي كان يقوم بها المريض وقدرة الأسرة على الوفاء بالأدوار الجديدة من خلال ارتباطها الوثيق بكفاية العناية والرعاية التي يلقاها مريض الخرف.

2. نظرية الضغوط الأسرية:
إن إصابة المسن بخرف الشيخوخة يخلق مواقف ضاغطة، ليس للمسن فحسب، بل لجميع أفراد الأسرة. ومن الملاحظ أن الأسر تختلف إلى حد كبير في قدرتها على التوافق مع المواقف الضاغطة، واختلافها يرجع إلى التفاعل بين موارد الأسرة من ناحية، وحدة المواقف الضاغطة من ناحية أخرى.
ومن هذا المنظور، فالعامل المادي للأسرة مهم، ومن خلاله تستطيع الأسرة أن توظف هذه الإمكانيات في التغلب على كثير من مشكلاتها المرتبطة بوجود مريض الخرف في الأسرة، كتوفير أفضل الخدمات الطبية، أو الاستعانة بالآخرين للعمل في مساعدة المريض، كما يمكن توفير البيئة المنزلية الملائمة لحاجات وظروف مريض الخرف.
والعامل التربوي،يساعد على توسيع مدارك أفراد الأسرة، وتجعلهم أقدر على التعامل مع ما يواجه الأسرة من مواقف ضاغطة.
والعامل الصحي يساعد أفراد الأسرة في مجابهة ما يواجههم من صعوبات ناتجة عن مرض المسن بالخرف، فالأسرة التي يتمتع أفرادها بصحة جيدة، أقدر على مواجهة المواقف الضاغطة من الأسر التي يعاني بعض أفرادها من مشكلات صحية.
والعامل النفسي، تبدو أهميته في أن بعض أنماط الشخصية أقدر على التعامل مع المواقف الضاغطة من الأنماط الأخرى.
والعامل الديني يؤثر من جانب أن الأسر التي يغلب عليها روح التدين، عادة ما تكون أكثر توافقا ً مع المواقف الضاغطة من الأسر التي يضعف فيها جانب التدين.

3. نظرية الأنساق الأسرية:
إذا نظرنا إلى الأسرة على أنها نسق اجتماعي، فإن أهم خواص النسق هو المحافظة على التوازن، ومن هذا المنطلق، فإن أي تغيير يصيب أحد أفراد الأسرة، يحتم على بقية الأفراد أن تتوافق مع هذا التغير بهدف المحافظة على التوازن. فإصابة المسن بخرف الشيخوخة يخلق حالة من التوتر في الأسرة كنسق اجتماعي، وتحاول الأسرة من خلال أفرادها أن تتوافق مع المريض بما لديها من إمكانات وأساليب( العبيدي،2003: 133-137).






رابعاًً: المشكلات الأسرية الناتجة عن إصابة المسن بخرف الشيخوخة:
نتيجة للتغيرات العقلية والنفسية للمسن المصاب بخرف الشيخوخة تتأثر الأسرة كنسق متكامل، وهذه المشكلات تتمثل في ما يلي:

1. المشكلات الاقتصادية:
• قد تؤثر إصابة المسن بخرف الشيخوخة في ميزانية الأسرة، فقد لا تستطيع تحمل تكاليف العلاج، وقد تضطر إلى تغيير نظام حياتها تبعا ً للتغير في ميزانيتها.
• إذا كان المسن المصاب بخرف الشيخوخة هو العائل الوحيد لأسرته، فإن هذا يؤدي إلى انقطاع دخل الأسرة، وقد تضطر الأسرة إلى الاستدانة أو بيع الممتلكات أو خروج الأبناء من دراستهم أو خروج الزوجة إلى العمل.
• قد يكون تردي الحالة الاقتصادية للأسرة سببا ً في عدم تنفيذ الخطط العلاجية التي يحتاجها مريض الخرف وأسرته(مغازي، 1998: 46).

2. المشكلات النفسية:
تؤثر إصابة المسن بخرف الشيخوخة في نفوس أفراد أسرته تأثيراً شديداً، خاصة حين تكون الأسرة جاهلة بطبيعة هذا المرض وكيفية التعامل مع المصاب به. ويمكن عرض المشكلات النفسية لأسرة مريض الخرف كما يأتي:
• يصاب أفراد الأسرة بحالة من الإنكار كرد فعل نفسي دفاعي، ويحدث في بداية اكتشاف إصابة المسن بخرف الشيخوخة.
• وبعد فترة من تشخيص المرض، تنتاب الأسرة مشاعر الإحباط والقلق والذنب، وقد يعتبر أفراد الأسرة أنفسهم مسئولين عن سوء حالة المريض، أو يعتقدون أنه عقاب من الله، مما يؤدي إلى الإفراط في العناية بالمريض بشكل قد يضره.
• الشعور بالفشل والعار والاكتئاب، نتيجة إصابة فرد من أفرادها بمرض الخرف.
• الشعور بالغضب الشديد واليأس والإحباط، والذي قد يتحول إلى عدوان موجه نحو الآخرين، وخصوصاً نحو المسن المصاب بالخرف رغم حب الأسرة لهذا المسن، مما قد يؤدي إلى ازدواجية المشاعر(جميعي،2007: 23-24).
• نتيجة لإصابة المسن بالخرف، تتغير الكثير من تصرفاته وسلوكه، وهو مايؤثر في الاستقرار النفسي لأفراد أسرته، فقد يؤدي قيامه ببعض السلوكيات في الليل، كإسقاط الأشياء والصراخ، إلى اضطراب النوم لدى أفراد الأسرة.
• وفي حالة وجود أطفال في أسرة مريض الخرف، قد يصابون بالخوف من تصرفاته وسلوكه(العبيدي،2003 : 133-137).

3. المشكلات الاجتماعية:
أكد العبيدي والدامغ في دراسة أجريت عام 2000م، أن وجود المسن المصاب بخرف الشيخوخة يؤثر في وجود العديد من المشكلات الاجتماعية، وقد تم حصرها في الآتي:
• قد يسبب وجود المسن المصاب بالخرف في الأسرة الخلافات الزوجية، والتي قد تؤدي أحيانا ً للطلاق.
• قد يضطر بعض أفراد أسر المسنين المصابين بالخرف، إلى الانقطاع عن الدراسة، أو الاستقالة عن العمل، خصوصا ً في الحالات المتقدمة للمرض والتي يكون فيها اعتماد المسن كليا ً على الآخرين في الأمور الأساسية للبقاء على قيد الحياة، كالأكل والشرب، والنظافة.
• تقليص الزيارات الاجتماعية، والرحلات الترفيهية لأفراد أسرة مريض الخرف مما يؤثر على علاقاتهم ونشاطاتهم.
• صعوبة التوفيق بين متطلبات الأطفال، ومتطلبات مريض الخرف(العبيدي والدامغ، 2000: 478_ 479).
• قد يؤدي جهل الأسرة بطبيعة مرض الخرف، إلى سوء معاملة المسن أو إهماله.
• عدم توافر الدعم الاجتماعي لأسرة مريض الخرف(العبيدي،2003: 142).

خامساً: الخدمة الاجتماعية مع أسرة مريض الخرف:
يلعب الأخصائي الاجتماعي دوراً مهماً في مساعدة أسرة المسن المصاب بخرف الشيخوخة على تقبل مرضه والتكيف معه، واستعادة توازنها، ويقوم بذلك بعدة طرق:
1. مساعدة أفراد الأسرة على التنفيس عن مشاعرهم السلبية والتعبير عن الغضب والحزن والإحباط الناتج عن إصابة المسن بالخرف.
2. إعطاء الأسرة صورة متكاملة عن الخرف وأعراضه، والسلوكيات التي قد تصدر عن المسن، ومساعدتها على التكيف معها دون الشعور بالخزي أو العار أو الخوف.
3. توجيه الأسرة للحصول على الخدمات المختلفة التي تقدمها بعض المؤسسات والجهات لأسرة مريض الخرف، لمساعدتها على تعديل البيئة المحيطة بالمسن بما يتلاءم مع مرضه(سليم، 1998: 93).
4. إرشاد الأسرة للانضمام إلى جماعات الدعم النفسي والاجتماعي لأسر المصابين بخرف الشيخوخة، بهدف مساعدتهم على اجتياز مشاعر الحزن والإحباط، وتبادل الخبرات مع الأسر حول المرض وكيفية التعامل مع المريض بشكل سليم.
5. استخدام العلاج الأسري مع أفراد أسرة مريض الخرف، لمساعدتها على حفظ توازنها، وإعادة توزيع المسئوليات بين أفرادها بما يتلاءم مع عبء رعاية المسن، ويتم ذلك بالمقابلات الجماعية لكافة أفراد الأسرة، للوصول إلى اتفاق حول أمثل أسلوب للتعامل مع المريض(جميعي، 2007: 25).

















المراجع
أبو حطب، فؤاد وصادق، آمال
1990م نمو الإنسان، من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.

إسماعيل، عزت
1983م الشيخوخة، أسبابها ومضاعفاتها. الإسكندرية: وكالة المطبوعات.

جميعي، عصمت محمد
2007م طرق التكيف لأفراد العائلة القائمين برعاية مرضى الخرف. القاهرة: جامعة عين شمس.

الدامغ، سامي والعبيدي، إبراهيم
2000م مرض الخرف في المملكة العربية السعودية: انتشاره والخصائص المرتبطة به. الرياض: مؤسسة سلطان الخيرية.

سليم، هدى نسيم
1998م الشيخوخة في مفاهيم طلاب الطب ودور مهنة الخدمة الاجتماعية. بيروت: الشركة العالمية للكتاب.

العبيدي، إبراهيم
2003م علم الشيخوخة الاجتماعي. الرياض: دار الزهراء للنشر والتوزيع.

ميلادي، عبد المنعم
2002م الأبعاد النفسية للمسن. الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة.

مغازي، نهى ومحمد، سلامة
1998م رعاية ذوي الأمراض العقلية والنفسية. الإسكندرية: المكتب العلمي للكمبيوتر والنشر.

.:[الخيالة]:.
08-28-2009, 06:32 PM
معلومات قييمة
شكرا جزيلا لك عزيزتي

طلال الناصر
08-30-2009, 02:00 AM
بارك الله فيك
موضوع رائع وعرض بطريقة جيده .....
وهذه المشكلة سوف تظهر بشكل كبير في المستقبل القريب وتحتاج الى متخصصين خدمة اجتماعية كبار سن تخصص دقيق ....
فالبيوت يوجد بها الكثير من كبار السن وهذه المشكلة احد الاشكالات التي تواجه مقدمي الخدمة .....
اكرر شكري وتقديري